الكثير منا سيقفز ويفسر هذه العبارة أنه لا يجب أن تقول رأيك فيما لا تعرف، قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن هذه المقولة جاءت بمناسبة معينة، وهي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل عن أمانة شخص معين، فانهال أحد الرجال عليه بالثناء والمدح، فقال له: هل تعرفه، قال: نعم، قال: هل ذهبت معه في سفر، قال: كلا، قال: هل ساعدك في موقف صعب، قال: كلا، قال له: اذن لا تهرف بما لا تعرف.
ما أريد أن أصل إليه النظرة المتخلفة التي ينظرها بعض الأشخاص للآخرين، بناء على انطباعهم الأول، أو بناء على أقوال الآخرين، وهي منبوذة في ديننا الإسلامي لقوله تعالى: "إن بعض الظن إثم" ولقوله: "اذا جاءكم فاسق بنبئ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتكونوا من النادمين"، يجب أن نغير نظرتنا للآخرين، ولنعلم أن في كل انسان بذرة خير وبذرة شر، لنحاول دائماً أن نصفي نوايانا وأن نبحث عميقاً في بذرة الخير الموجودة داخله، بدلاً من البحث عن عيوبه أو الجانب الشرير منه.
أنا هذا رأي الشخصي، وقلته لانزعاجي بتصرفات البعض ممن يسلمون بأن فلاناً شخص سيء أو شخص جيد، اعتماداً على معايير سخيفة جداً، ولا تثبت أي شيء، مثلا بناء على الانطباع الأول الذي يخدع الكثيرين، أو بناء على أقوال الآخرين عن هذا الشخص، وكأن كلامهم دستور رباني لا مجال لتشكيك فيه.
حصل لي موقف مع فلان من الأشخاص، قال لي أنني مختلف عما يصفني البعض، وبالفعل عندما تحريت عن الموضوع اكتشفت أنه علم خبر غير صحيح أو مشوه منقول عن فلان وفلان وفلان وفلان ... وفلان من الأشخاص، هذا إن لم نحسب البهارات التي تمت اضافاتها من قبل كل شخص منهم عندما نقلها للآخر !!!
هل رأي هذا يشكل انتقاد، نعم انه انتقاد لكل شخص يفكر بهذه الطريقة بغض النظر عن ماهيته، فنحن نبحث عن أشخاص يرقون بالأمة والوطن إلى طريق المجد، وهذا لا يتحقق باتهام بعضنا البعض بناء على افتراضات ليس لها أدنى حد من الصحة.
يكفي تمسكاً بالمثاليات، لنتصارح مع أنفسنا ومع الآخرين، لنتقبل الانتقادات، والرأي والرأي الآخر، بدلاً من الغيبة والنميمة التي نشها على بعضنا العبض بسبب أو دونما سبب، ابدأ بذاتك وأصلح نفسك وتصالح مع روحك ثم ابدأ باصلاح الآخرين، لا تدعو لتسامح وأنت غير متسامح، أولا ابدء بنفسك وكن متسامحاً مع الآخرين قبل أن تدعو الناس للتسامح، كما ألاحظ ظاهرة غريبة في المجتمع الأردني ألا وهي تكفير الناس لمجرد خطأ ارتكبوه أو رأي قالوه، وثبت حسب كبار العلماء أنه لا يجوز شرعاً تكفير أي مسلم.
لي حديث طويل في هذا الموضوع، ولكنني أرغب في معرفة آرائكم ثم التعقيب عليها وهكذا إلى أن نصل إلى وضع مسودة ميثاق أخلاقي ملزم لمن يرغب في الانضمام إليه، أنا لا أريد أن أكتب وتذهب كتاباتي هباء، لندعم الأقوال بالأفعال ولنحقق التنمية البشرية المنشودة لنصل إلى أهدافنا في الرقي بالفكر والوطن.