قبل ستة أسابيع وقبل بداية الموسم الحالي بالدوري الاسباني لكرة القدم لم يكن هناك في أسبانيا سوى عدد قليل فقط من المشجعين ووسائل الاعلام يرشحون برشلونة بشكله الجديد تحت قيادة مديره الفني الجديد جوسيب جارديولا للمنافسة على لقب المسابقة.
ومع بداية الموسم الحالي أصبح جارديولا /37 عاما/ أصغر مدير فني في تاريخ برشلونة بل أن خبرته التدريبية تقتصر على العمل لمدة عام واحد في تدريب الفريق الثاني بالنادي.
كما إن التعاقدات الجديدة التي أبرمها نادي برشلونة خلال صيف هذا العام وكان معظمها للتعاقد مع مدافعين لم تولد لدى أنصار الفريق أي نوع من التفاؤل أو التوقعات بالمنافسة.
وتعهد جارديولا في البداية "بالقضاء" على المشاكل التي ظهرت بين اللاعبين وداخل صفوف الفريق في الموسم الماضي وذلك بالتخلي عن النجمين الكبيرين البرازيلي رونالدينيو والكاميروني صامويل إيتو لكن الاخير لم يتلق عروضا مغرية فظل ضمن صفوف الفريق.
وجاءت البداية المتواضعة لبرشلونة في الموسم الحالي لتؤكد نظرة التشاؤم التي أحاطت بالفريق قبل بداية الموسم خاصة بعد أن بدأ برشلونة موسمه بالهزيمة أمام نومانسيا والتعادل مع ريسينج سانتاندير لتكون أسوأ بداية له في المسابقة منذ عام 1973 .
ولكن صدقت مقولة رئيس الوزراء البريطاني السابق هارولد ويلسون بأن شهر واحد يمثل فترة زمنية طويلة فى عالم كرة القدم.
وعلى عكس كل التوقعات حقق برشلونة بقيادة جارديولا الفوز في جميع مبارياته الست الماضية (أربع منها في الدوري الاسباني واثنتان في دوري أبطال أوروبا).
كما ظهر أداء الفريق بشكل رائع حيث اتسم بالتمرير السلس البارع للكرة والذي أعاد إلى الأذهان ذكريات أداء "فريق الاحلام" بقيادة المدرب الهولندي الشهير يوهان كرويف خلال التسعينيات من القرن الماضي كما كان الاداء الهجومي للفريق أقوى وأفضل من نظيره بقيادة كرويف.
وجاء الفوز الساحق الذي حققه برشلونة على أتليتكو مدريد 6/1 مساء أمس السبت ليدفع وسائل الاعلام الاسبانية إلى الاشادة والانشاد بالمديح لفريق جارديولا الذي أطلقت عليه "فريق بيب" نسبة إلى جوسيب جارديولا.
وخلال مباراة الامس أمام فريق أتليتكو الضعيف قاد خافي هيرنانديز الفائز بلقب أفضل لاعب في كأس الامم الاوروبية الماضية (يورو 2008) خط وسط الفريق مثلما قاد جارديولا نفس الخط سابقا تحت قيادة كرويف.
وكان في معاونة هيرنانديز في خط الوسط زميله الواعد سيرخيو بوسكيتس بينما تفرغ كل من أندريس إنييستا والارجنتيني ليونيل ميسي وإيتو للتلاعب في هدوء بدفاع أتليتكو.
ولم تكن النتيجة الثقيلة 6/1 سوى ترجمة حقيقية للتفوق الواضح لبرشلونة أمام منافسه أتليتكو مدريد حيث سنحت لبرشلونة على مدار شوطي المباراة 16 فرصة لتسجيل الاهداف وتصدت العارضة لتسديدتين كما ألغى الحكم هدفا للفريق بدعوى التسلل.
وقال خورخي فالدانو المدير الفني الاسبق لفريق ريال مدريد في تعليقه على المباراة لقناة "لا سيستا" التلفزيونية "كان من أقوى العروض الهجومية التي رأيتها في ملاعب كرة القدم منذ سنوات عديدة".
كما ذكرت إذاعة "رامبلا" الاسبانية "استاد كامب نو لم يشهد مباراة كهذه منذ زمن طويل".
والحقيقة أن العديد من المشجعين الذين احتشدوا في المدرجات وبلغ عددهم 80 ألف مشجع لم يرغبوا في مغادرة الاستاد من فرط سعادتهم بالاداء وظلوا يحتفلون في طريق العودة حتى بعد منتصف الليل حيث استمتعوا بأجواء العرض المقنع والرائع.
وصعد هذا الفوز بفريق برشلونة إلى المركز الثاني في جدول المسابقة كما استحوذ هذا الفوز والعرض الرائع على عناوين الصفحات الاولى في معظم الصحف الاسبانية الصادرة اليوم الأحد.
وذكرت صحيفة "إل بيريوديكو" في عنوانها اليوم "مهرجان أهداف" بينما وصفت صحيفة "موندو ديبورتيفو" اللقاء والعرض القوي من جانب برشلونة بأنه "رائع" بينما وصفت صحيفة "ماركا" الرياضية المباراة بأنها "هزيمة تاريخية" لأتليتكو مدريد.
وأصبح فريق برشلونة بقيادة جارديولا مرشحا بقوة حاليا للمنافسة على لقب الدوري الاسباني بل إنه أصبح مرشحا أيضا للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا مما يؤكد الفارق الكبير الذي احدثه الشهر المنصرم.