مقالة للدكتور محمود جبارات

حاشد وبكيل جناحا الإمامة

تعقيبا على ما جاء في مقال الدكتور سليمان عربيات في الرأي الغراء، زاوية كتاب، يوم الأربعاء الموافق 8 آذار، بعنوان أزياء النخبة السياسية اليمنية والتحولات السياسية والاجتماعية ، وحيث أن ما يكتبه الدكتور عربيات متميز ومتابع بصورة معتبرة من قبل قراء الرأي في الأردن والعالم العربي، ونظرا لما ورد في المقال المذكور ؛ نقلا عن الدكتورة بلقيس أبو أصبع، من أن قبيلتي حاشد وبكيل في اليمن كانتا ضد الإمامة، ولمكانة هاتين القبيلتين في اليمن وتاريخهما السياسي المشرف في كل المراحل، فإنني أرجو أن أبين ما يلي :

أن كتاب الدكتورة بلقيس هو كتاب في علم الاجتماع السياسي، وقد درست فيه النخبة السياسية الحاكمة في اليمن، خلال الفترة (1978م ـ 1990م) ولم تكن اليمن خلال فترة الدراسة تحت حكم الإمامة، لكي تتعرض لهذا الموضوع، وبالتالي فإن إشارتها إلى موقف حاشد وبكيل من الإمامة لا يقع ضمن فترة دراستها!

حاشد إحدى كبريات قبائل همذان وتقسم إلى أربعة أقسام : صريمي، خارفي، عصيمي،عذري، وتقيم عادة في شرق صنعاء، وفي وادي نجران وبعض البلدان القريبة.

بكيل بالفتح ثم الكسر، قبيلة مشهورة أيضا تنقسم إلى أربعة فروع : أرحب، نهم، مرهبه، وشاكر وتقيم عادة إلى الشمال الشرقي،وفي بلاد وائلة والعمالسة وآل سالم وآل عمار، وقد شاركت القبيلتان القوات الإمامية في حربها ضد العثمانيين، حتى صلح دعان 1911م.

وصحيح أن بعض حاشد قد عارضت سيطرة الإمام يحيى بن محمد حميد الدين (1869م- 1948م ) على أجزاء من اليمن بعد انسحاب الجنود الأتراك 1918م، وخلال الفترة ( 1921م ـ 1925م ( مما اضطر أحد مشايخها إلى الهرب إلى السعودية والإقامة فيها، إلا أن حاشد وبكيل أخلصتا إلى الحكم الإمامي وقدمتا خدمات جليلة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في اليمن خلال عهد الإمام يحي ( 1904م ـ 1948 م )، ثم خلال عهد الإمام أحمد (1948م- 1962م) ثم الإمام محمد البدر.

ومن المفيد أن أشــــير إلى أن الرحالة ثم الدبلوماسي البريطاني في عدن (Harold Ingrams) ، قد كتب عن اليمن في هذه الفترة كتابا بعنوان :

(The Yemen Imams, rulers and revolutions) ، صدر في لندن عام 1963م، وصف فيه قبيلتي حاشد وبكيل بأنهما جناحا الإمامة، (Wings Of The Imamate ) انظر: (ص 12).

وللمهتمين من قراء الرأي يمكن مطالعة مخطوطات حققها أ.د.محمد عيسى صالحيه من جامعة اليرموك، بينت دور القبائل اليمنية كافة في فترة الإمامة منها : كتاب سعد الشرفي (عشر سنوات من سيرة الإمام يحيى بن محمد حميد الدين) في جزئين، وكتاب علي بن عبد الله الإرياني (سيرة الإمام محمد بن يحيى حميد الدين المسماة : الدر المنثور في سيرة الإمام المنصور ) في جزئين، وكتاب عبد الكريم بن أحمد مطهر : سيرة الإمام يحيى حميد الدين في جزئين أيضا، وكتاب المؤرخ اليمني : محمد بن محمد زبارة، (تاريخ الأئمة الزيدية في اليمن).

على أن الفكر الإمامي الزيدي قد توحد كتوجه عام في اليمن منذ النصف الأول من القرن التاسع الميلادي، على يد الإمام الهادي للحق الإمام يحيى بن الحسين (توفي : 284ه/ 897م)، أول أئمة الزيدية في اليمن، وواضع أسس ما نسب إليه مذهبيا، ومنها رأيه بالإمامة وشروطها على أن الزيدية اعتبرت مسألة الإمامة من أصول الدين (كالتوحيد)، وليست مسألة من مسائل الفروع الاجتهادية.

شاكرين ومقدرين دور الرأي الغراء في تنوير الرأي العام وتعزيز قيمة العلم والمعرفة خدمة للأجيال العربية الصاعدة، ومقدرين مساهمات كتاب الرأي المتميزين أمثال أستاذنا أ.د. سليمان عربيات.



* دكتوراة في التاريخ الحديث والمعاصر